الكاتبة - موسية عسيري
تزداد الفرص الوظيفية والمشاريع الصغيرة في العديد من المجالات، وتُعد هذه المشاريع من المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. لكن رغم كثرة الفرص المتاحة والأفكار الرائعة التي يملكها العديد من الأشخاص، يبقى عائق التمويل أحد أبرز التحديات التي تواجه هؤلاء الطامحين في بناء مشاريعهم. من المعروف أن البنوك والشركات المالية تقدم قروضًا تساعد الأفراد على بدء مشاريعهم، ولكنها في كثير من الأحيان تضع شروطًا صارمة قد تكون عائقًا حقيقيًا أمام من يملكون أفكارًا مبتكرة ولكنهم يفتقرون إلى الضمانات التقليدية مثل العقارات أو السيارات. تُطلب من الشخص المتقدم للحصول على قرض ضمانات ملموسة أو كفيل، مما يضع عبئًا كبيرًا على الأفراد الذين ليس لديهم القدرة على توفير هذه الضمانات. هذه الشروط، على الرغم من أنها تهدف إلى حماية المصارف من المخاطر، إلا أنها تُحجم الفرص أمام العديد من الأفراد الذين لديهم طموح عالي ولكن لا يملكون الضمانات المطلوبة. وفي المقابل، يواجه البعض صعوبة في العثور على كفيل أو لا يمتلكون وظيفة ثابتة تُؤهلهم للحصول على القرض.
الكفيل هو أحد أبرز الضمانات التي تطلبها البنوك، ولكن مشكلة الكفيل أصبحت مصدرًا للقلق لدى الكثيرين. فالكثير من الأشخاص يواجهون صعوبة في العثور على كفيل مستعد لتحمل المسؤولية عن القرض في حال عجز المقترض عن سداده. هناك أيضًا من يعاني من تجارب سابقة مع الكفالة، حيث قد يتعرض الكفيل لتحمل المسؤولية المالية في حال تخلف المقترض عن السداد، مما يولد خوفًا كبيرًا لدى الأشخاص من الدخول في مثل هذه الاتفاقات. ومن هنا تأتي الحاجة الملحة لإعادة التفكير في هذه السياسات، حيث أن الاعتماد على الكفيل أو الضمانات الملموسة قد يضيق فرص التمويل أمام الكثيرين. وهذا بدوره قد يؤدي إلى قتل العديد من الأفكار الطموحة التي يمكن أن تساهم في تحفيز الاقتصاد.
إعادة النظر في شروط القروض الصغيرة يجب أن تكون على رأس أولويات البنوك والشركات المالية. يُمكن للبنوك أن تبتكر حلولًا جديدة تتيح للأفراد إمكانية الحصول على تمويل لمشاريعهم دون الحاجة إلى تقديم ضمانات ملموسة أو كفيل. بدلاً من الإعتماد على الضمانات التقليدية، يمكن للبنوك النظر في دراسة جدوى المشروع وتقييم إمكانياته على أرض الواقع. إذا كانت فكرة المشروع قابلة للتنفيذ ولها سوق مستهدف، فإن التمويل سيكون خطوة عملية تساهم في تحقيق النمو. بدلاً من فرض شروط قاسية مثل المنزل أو السيارة كضمانات، يمكن للبنوك أن تقبل ضمانات أخرى مثل إثبات دخل ثابت أو فواتير تدل على استدامة النشاط التجاري. كما يمكن أن تتبنى بعض البنوك أو المنظمات تمويلًا خاصًا للمشاريع الصغيرة من خلال القروض الصغيرة التي تُمنح بناءًا على قدرة الشخص على تسديدها دون الحاجة إلى ضمانات ضخمة. يجب أن يتم النظر في الأشخاص الذين لا يعملون بوظائف ثابتة ولكن لديهم أفكار مبتكرة أو مصادر دخل أخرى. قد تكون هذه الفئة الأكثر استفادة من التمويل الميسر الذي يتجاوز الشروط الصارمة.
في الختام، لا بد من التأكيد على أن المشاريع الصغيرة هي إحدى الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني. من المؤسف أن العديد من الأفراد المبدعين قد يفوتهم فرصة الحصول على التمويل المناسب بسبب القيود التي تفرضها المؤسسات المالية. ولذا، فإن تغيير هذه السياسات سيكون له تأثير إيجابي كبير في تحفيز الأفراد على استغلال الفرص وتحقيق طموحاتهم. على البنوك والشركات المالية أن تدرك أن تمويل المشاريع الصغيرة ليس فقط مصلحة للأفراد، بل هو أيضًا استثمار في الاقتصاد بشكل عام. إن دعم هذه المشاريع سيكون له أثر إيجابي على خلق فرص عمل جديدة، لتحسين الابتكار، وتحقيق التنمية المستدامة.
الكاتبة / موسيه العسيري