بوابة صوت جازان الإلكترونية 

الثلاثاء, 30 نوفمبر 2021 00:08 صباحًا 0 630 0
الجَدْبْ ..
الجَدْبْ ..

الجَدْبْ ..


الكاتب / د - صلاح عبدالله العرابي 

 

ظلال شامسة وأحلام مُترفة دامعة وخيِّرة فرشت همه على جروح مساءٍ لاينتهي يحتضن فيه الفؤاد بظلامٍ مرعب عناق الزمن الطويل فقد انسابت دموع شموعه مهزومة الأفواه تجري وراء خطوات مُتعبة ثكلى تئن من انكسار الجرح وهو عاكف ٌ يستجمع التفكير من ذيل العذاب وحيدٌ بين الغياب ومتاهات السراب. حاول كعادته بكرمٍ كله شوق أن يسترجع الذكرى حتى نهاية عمقها واتساعها فتقاسيمها كانت مزروعة في ضوء الشمس وعشقها لديه كان ولايزال يسكن أحزانه القديمة. حاول أن يجمع ذرات تلك البقايا من العظام المنخور المعقود بكيس جلدي هش فقط ماقد تراه من جثته الغليظة غير الهامدة علامات بارزة ربما تشبه إلى حد بعيد جمجمة قد عفَّى عليها الزمن . يتحرك ببطءٍشديد ذلك الهيكل العظمي ليأخذ دوره في الصدارة مع مجموعة تتخبأ بطيف ٍ يتوكأ على التواصل بين شرايين دمه ونوافذ أوردته. مسافة قريبة ولكنها بالنسبة إليه بعيدة مُرهقة . يحاول أن يسحب على هدوئه ذيول الصمود ولغة الصمت باتت بارزة للعيان على محياه. ارتمى بعد أن وصل أخيراً على تلك الأريكة وارتمت قبله ونَّةٌ حَرَّى سبقها نزيفٌ مالح من المحاجر فقد فغر مابداخل تلك المُهترئة ربما من هول ما أصابه من فجيعة حتى كادت أن تتوقف أشلائها المُعقَّده بدأوا يتهافتون عليه من كل حدبٍ وصوب فمنهم من قبَّل وجنتيه واكتفى ومنهم من قبَّل جبينه وركض ومنهم من لمس بعضاً منه وفر حتى اختفى وبينما هو كذلك حاول بعد صبر ٍ لاهث أن يتصيَّد تلك البارقة من ذلك الشعاع الذي هبط لتوه ليعيد له الذكرى التي غابت في عباءة التراب المليء بالأسى والثقوب ونقلته إلى ماكانت عليه وليس إلى ما آلت إليه. لونٌ ربما أقرب إلى أزهار الليمون الصفراء التي اكتست خُضرة الحياة كانت ترتديه فقد كان يترنَّم على أنغام هذا اللون وكانت لاتبخل به عليه أبدًا فقد تعلمت منه كيف ترسم البسمة على كل الألوان! وتعلم منها كيف يكون الحب بلا ألوان.. كانت تمشي الهوينا في تلك الليلة الساحرة ولم تستطع أن تخفي الدمعة عنه من شدة انتصار الفرح على بوابة العشق السرمدي الساحر. جاءت نغمات صوتها الشجي بطرب ٍ لينسكب في محور مُحقنه لتتصاعد اهتزازات رأسه ذات اليمين وذات الشمال. جاءت لتخيط له في مفاصل ذكراه مايجب أن يعتني به أوقاتاً عديدة فبعد برهة من الزمن القادم لابد وأن تستريح في جوفه.. جاءت لتوقظ داخله حباً لن يموت حتى وإن كانت في ذلك الخندق المظلم.. أخذته بيدها بعيداً عن الجمع الغفير لتتواصل صرخة فرحتها فكم هي محتاجة ليعيد على مسامعها أنشودة الحنان اليافع ومقاطع الفجر القديم. كانت بين كل لحظة وأخرى توصيه على نجومه وعقده وكان يحاول بكلتا يديه أن يتمسك بذلك السراب الرائع مخافة أن يتسرب منه الأمل السعيد ولكن هيهات أن يتسنى له ذلك فقد جاءه صوت الحقيقه بأن الحياة عرسٌ فاني والموت سردابٌ لأكفانه وقبل أن يعود إلى حيث لن تعود جاءوا من كل شقٍ لترتاح مدامعه وتتفتق حنجرته بحبلٍ صوتي رخيم.. سأظل وفياً لضوء غيمك أيتها الوحيدة وسأظل أُبصرك أيتها الساكنة في أعماق جوفي أيتها الأبية بكل ابتساماتي التي فُقدت مني لأجلك وبكل دموعي التي أبت إلا أن تصاحب حيرتي وبكل ماتبقى من أنفاس حياتي فوجهك محفورٌ على تجاعيد سهري وصوتي ومحبرتي وعطرك يفوح من نبضي ومن ألمي ومن أحداقي.. يفوح في جلدي وفي صمتي وفي أوراقي !!! .

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
مدير البوابة

شارك وارسل تعليق

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من إرسال تعليقك

أخبار مقترحة

بلوك المقالات

الصور

بوابة صوت جازان الإلكترونية 

بوابة صوت جازان الإلكترونية 

أخر ردود الزوار

الكاريكاتير

استمع الافضل